من هم المسلمون في نظرهم؟

492 الثلاثاء 28/11/2017

السؤال نفسه انتشر على أكثر من وسيلة إعلامية غربية بعد الهجوم الإرهابي على مسجد الروضة في سيناء الجمعة الماضية: (هل يقتل المسلمون المسلمين؟)، وكأن الاعتداء كان استثناء عن غيره على مدى السنوات الأخيرة، أو أن الإرهاب موجه ـ حصرا ـ من المسلمين إلى غير المسلمين. ويكتنف هذا الاستفهام الكثير من الجهل بقدر ما يصلح لأن يكون سؤالا أكاديميا يعالج حقبة تاريخية في العصور الإسلامية المتلاحقة، أكثر من كونه سؤالا إعلاميا يعالج مشكلة الإرهاب بأبعادها الجيوسياسية والاجتماعية والاقتصادية، لأنه وببساطة، لم تكن العمليات التي استهدفت مدنا غربية إلا نذرا يسيرا من المجازر التي يقترفها الإرهابيون بحق المواطنين في كثير من الدول في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. السؤال الذي طرحته الصحف الغربية مؤخرا على خلفية مجزرة مسجد الروضة، يشبه إلى حد بعيد، ما أعلنه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، خلال الانتخابات الرئاسية في نوفمبر 2016، حين كشف عزمه منع المسلمين من دخول الولايات المتحدة. ولم يفكر أي من الصحفيين أن يسأل حينها من المقصود بـ (المسلمين) المشمولين بالمنع، وإن كانوا ممن يعتنقون الإسلام، أم من كتب في خانة الديانة على وثيقة سفره، كلمة: "مسلم" أم ممن يلتزمون بالأركان الخمسة، أم من يطلق لحيته، أو ربما أولئك من يتحدثون العربية على متن الرحلات الداخلية في الولايات المتحدة..؟ ولماذا لا يكون كل من يحمل ملامح شرق أوسطية كما تذهب تأويلات بعض الصحف حين تبحث عن الفاعل في اعتداء ما، أو يحمل اسما عربيا وليس لاتينيا، أو أن يكون الممنوع من دخول الولايات المتحدة منتميا لإحدى الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي؟ خاصة وأن الكثير من المسلمين في دول آسيا الوسطى هم في حقيقة الأمر (لا دينيين) ومسلمون بالاسم والثقافة فقط جراء تأثير الموروث الشيوعي للاتحاد السوفييتي على تلك الشعوب طوال فترة حكمه لدول آسيا الوسطى، كما أن العديد ممن يحملون ملامح شرق أوسطية أو يعيشون في دول المنطقة قد ينتمون إلى أقليات مسيحية أو أزيدية، وبالفعل واجه الكثيرون من هؤلاء أزمة في الحصول على تأشيرات تعود إلى المنع الذي جرى لاحقا. والحقيقة أن إطلاق تسمية مسلمين عنوانا لقضية عالمية مثل الإرهاب، بغض النظر عن الأبعاد والظروف التي تكون هذه الظاهرة، هو خطاب إعلامي يخلط الأوراق ويتعامل مع قضية خطيرة بشكل عشوائي وغير مدروس، بل يعكس اختصارا للأزمات العديدة التي تشهدها مناطق مختلفة في العالم وتحكر الشبهة في شريحة تشكل مليار ونصف المليار شخص حتى لو كان الاستفهام يهدف إلى التأكيد على أن الإرهابيين قد يستهدفون المسلمين كذلك، فيما هم يستهدفون المسلمين دائما، والآخرون مجرد استثناء صغير من هذه الآفة.

مصدر الخبر : كليلة

منشور ذات صلة

الأكثر مشاهدة