نشر موقع مجلة Deutsche Welle الألمانية مقابلة صحفية مع المؤرخ ديفيد موتاديل، تناولت مشاركة المسلمين في القتال إلى جانب النظام النازي في الحرب العالمية الثانية، مشيرا إلى أن عشرات الآلاف من المسلمين قاتلوا خلال الحرب لصالح (الرايخ الثالث).
يذكر أن اللقاء جاء متزامنا مع تقارير صحفية نشرت مؤخرا، وتحدثت عن الدور الإيجابي للجنود المسلمين الذين حاربوا في صفوف الحلفاء كالجنود الأفارقة والجزائريين وغيرهم.
وسأل الصحفي، المؤرخ موتاديل عن "الادعاء الذي يزعم بأن المسلمين ساندوا النازيين، لأنهم شعروا من خلال معاداتهم للسامية بالتقارب معهم. ولهذا السبب بالتحديد عمل النازيون على الاعتناء بالمسلمين"، وهو سؤال له مضامين عديدة لا ترتبط بحقبة أربعينيات القرن الماضي فحسب، بل والتداعيات اللاحقة لإقامة دولة إسرائيل واحتلال فلسطين التاريخية والعداء الذي نجم عن ذلك بين العرب واليهود الوافدين إلى المنطقة، والإسقاطات التالية التي انبنت بعد الحرب فيما يعرف بمقاضاة كل ما تثبت عليه تهمة بـ "معاداة السامية" في أوروبا.
بمعنى آخر، أن السؤال استند في زخمه من فترة تلت سقوط ألمانيا النازية، كما استفاد من العداء العربي ـ الإسرائيلي، لإضفاء قيمة أكبر للسؤال، دون توضيح حقيقة أن مناطق العالم الإسلامي لم تكن إبان النازية، بذلك الانسجام في عدائها أو قربها من الفاشية، كما كانت عليه في عدائها لإسرائيل بعد احتلال فلسطين التاريخية.
وقال موتاديل، إنه "في الدعاية، ولاسيما في العالم العربي لعبت بالطبع موضوعات معادية للسامية دورا كبيرا ـ مثل ما كانت عليه في الدعاية الخارجية الألمانية بصفة عامة. وارتبطت هذه في الغالب بهجمات على الهجرة الصهيونية إلى فلسطين... لاسيما مفتي القدس الكبير محمد أمين الحسيني الذي كان يشاطر النظام النازي كراهيته لليهود".
وأقر المؤرخ بـ "الفتور الذي شاب دعم المسلمين للنظام النازي في المناطق التي كانت تخضع للاستعمار الإيطالي، مثل ليبيا، لكنه أضاف بأنه في مناطق الحرب نفسها ـ في البلقان وشمال إفريقيا أو في المناطق الشرقية ـ كان الوضع أكثر تعقيدا. ففي كثير من هذه المناطق تعايش المسلمون واليهود طويلا. وفي بعض الحالات ساعد مسلمون اليهود في الاختباء عن الألمان."
كما أن حقيقة خضوع معظم الأراضي العربية لاستعمار بريطاني في تلك الفترة، ورفض الشعوب العربية لحركات الاستعمار، دفعت إلى شبه تعاطف شعبي مع دول المحور، وفق قاعدة: "عدو عدوي، صديقي"، بيد أن تلك الدول التي كانت تخضع لاستعمار مباشر، لم تكن لتعكس واقع سياساتها ومواقفها، فيما لم توصف باعتبارها كيانات مستقلة في ذلك الوقت.