عرضت قناة SBS الأسترالية، برنامج الواقع: (مسلمون مثلنا) شارك فيه عشرة مسلمين ذكور وإناث من الطوائف السنية والصوفية والشيعية الإسلامية والمعتقدات ممن يعيشون في أستراليا، وأقاموا في منزل لمدة ثمانية أيام تحاوروا خلالها حول يومياتهم، ومعتقداتهم، وآرائهم كي يتسنى للمشاهد الأسترالي إلقاء نظرة عن كثب على المجتمع المسلم باعتباره شريحة تحمل السمات نفسها التي يحملها بقية الأستراليين في البلاد.
وعُرض البرنامج الذي لخّص فترة الأكثر من أسبوع، في ساعتين على مدى ليلتين كي يعطي الأستراليين الجاهلين بالمجتمع المسلم صورة عمّا هو هذا المجتمع.
بيد أنه من الصعب أن يتمكن برنامج الواقع الذي يستحضر تناقضات بين طوائف مسلمة ويركزها في فترة زمنية ضيقة، ويمهد الأجواء في مكان التصوير لطرح أسئلة جدلية شديدة الوعورة بين أتباع المذاهب المتواجدين في المنزل، وهي أسئلة غائبة كليا عن الوعي الأسترالي الأبيض.. فيما يجب أن نستنتج أنه كيف يستحيل لهذا البرنامج أن يعطي صورة مبسطة وهادئة عن المسلمين لدرء كل ذلك الغبار الذي لحق بهم، طالما أوجد مسببات حدوث مشاحنات اجتماعية معتادة في مثل هذه البرامج الجماهيرية، وهي مشاحنات سوف تزيد الطين بلة.
والحقيقة، أن البرنامج قد جعل من عشرة مسلمين فئران تجارب بشرية، لن يساهموا إلا في إمعان الصورة السلبية وتمكين المترصدين من رصد التناقضات لدى هذا المجتمع ووضعها تحت عدسة مكبر.
بالفعل، التناقضات هي واقع قائم، لكن الخطورة تكمن في السياق الذي يطرحها ويصورها البرنامج هدفه كان يتمحور حول إثبات كم هم المسلمون (عاديين) وأنهم لم يسقطوا من الفضاء كما تحاول وسائل إعلام تصويرهم.. إلا أن الشكل الفوضوي للعرض لن يفي بتقديم الحياة التلقائية والطبيعية التي يعيشها المسلم والتي لا تختلف كثيرا عن حياة البشر في أستراليا أو أي مكان من هذا العالم، خاصة وأن الخلاف الذي يحاول بعض وسائل الإعلام الترويج له أن المسلم غير قادر على مواكبة نمط الحياة البشري العام، في ظل اتجاه البشرية نحو نمط معولم وموحد الطابع.
يذكر أن الجالية المسلمة في أستراليا تشكل أقل من 3% من تعداد السكان في هذا البلد، لكن يبدو أنها تشغل مساحة واسعة من الإعلام اليومي.